بسم الله الرحمن الرحيم
الأحبة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثر الحديث عن هلال شهر شوال لعام 1440 هـ في وسائل الأعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وهو موضوع شغل الساحة وصدرت بشأنه بيانات من جهات عديدة فيها نوع من التضارب , ومؤداها متى سيكون أول شهر شوال : الثلاثاء 4 حزيران/يونيو أو الأربعاء 5 حزيران/ يونيو؟ والكل مستند في دعواه الى حسابات فلكية دقيقة وصحيحة يوظفها لصالح رأيه.
وقبل الدخول بالموضوع لا بد من مقدمة قصيرة :
1- الجهة المخولة في إثبات دخول الشهور القمرية هي المرجعية الدينية سواء كانت ممثلة بقرار القاضي الشرعي المكلف رسميا أو بثبوت أول الشهر بالطرق الشرعية المعروفة ومنها إكمال عدة الشهر السابق أو رؤية المكلف للهلال بنفسه ......الخ حسب المدارس الفقهية المختلفة.
2- ليس للفلكي الحق في إدخال الشهور القمرية الا للتنبؤ بأوائل الشهور القمرية لغرض إصدار التقويم.
3- دور الفلكي ينحصر بتقديم نشرة علمية عن وضع الهلال تتضمن معلومات عن وقت الاقتران وتاريخه ومدة مكث الهلال بعد الغروب ، وعمره عند الغروب وارتفاعه عن الافق وعناصر فنية أخرى وكلها يحددها الحساب ويتفق عليها جميع الحاسبين.
4- أما ثبوت أول الشهر القمري فيعتمد على ضابطة فقهية يحددها الفقيه نفسه وعلى ضوئها يدخل الشهر القمري سواء بقبول الشهادة بالرؤية المحلية ، أو بنقل رؤية الهلال من منطقة إلى منطقة أخرى أو بناء على ضوابط أخرى.
5- ظاهرة الاختلاف بثبوت أول الشهري القمر ضاق نطاقها في السنين الأخيرة ليصل الى يومين بدلا من ثلاثة أيام او اربعة أيام كما كان يحدث سابقا ، وهذا كله نتيجة الوعي باهمية الأخذ بالعلوم الفلكية عند الحاجة اليها في المواضيع المتصلة بها.
انتهى
والآن ما هو الموقف من هلال شهر شوال المطلوب أن نرصده ؟ علما بأن الاقتران المركزي سيحدث يوم الاثنين 3 / 6 / 2019 الساعة 10:02 بالتوقيت العالمي ( الساعة 13:02 بالتوقيت المحلي للملكة العربية السعودية والعراق وبلاد الشام) وهذا الهلال سيمكث بضع دقائق بعد الغروب في المنطقة الممتدة من اندنوسيا الى المغرب ؟
سيتضح الجواب من خلال الأسئلة العامة التالية :
سؤال: متى نرصد الهلال؟
نرصد الهلال عند غروب اليوم التاسع والعشرين من الشهر القمري الذي ثبت أوله بوجه صحيح محليًا ، وحيث ان هلال شهر رمضان 1440 هجري ثبت أوله بشكل صحيح وبالرؤية بالعين المجردة في منطقتنا عند غروب الشمس يوم الاثنين 6/5/2019 فإن يوم الثلاثاء 7/5/2019 كان هو أول شهر رمضان .
وعليه يكون يوم الاثنين 3/6/ 2019 هو اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان لذا يجب ان يتم الرصد في اليوم التالي وهو اليوم التاسع والعشرين إذ لا معنى للرصد هذا اليوم.
سؤال: في حال التشكيك ان هذا اليوم هو 28 أو 29 من الشهر القمري فما هو الموقف من جهة الرصد ؟
عند حدوث هذه الحالة في اي شهر قمري فإننا نلجأ إلى النشرات العلمية، وندرسها بدقة فإذا كان الاقتران يحدث قبل الغروب وللهلال مكث بعد الغروب فان لجنة تحري الرؤية تتهيأ للخروج لرصد الهلال.
وفي حال عدم توفر أي من هذين الشرطين فإن اللجنة لن تخرج لتحري رؤية الهلال لأن الهلال اذا غاب قبل الغروب فلا معنى للرصد ، أو إذا حدث الاقتران بعد الغروب فلا معنى للرصد أيضا .
وهذا الشرطان متحققان لهلال شوال 1440 اذ يحدث الاقتران قبل الغروب في منطقتنا بحوالي 5 ساعات وللهلال مكث بضع دقائق بعد الغروب. فلا مانع من أن تتهيأ اللجنة لرصد الهلال ولكن بملاحظة الشرطين التاليين.
سؤال: هل تحقق هذين الشرطين ( الاقتران قبل الغروب والمكث بعد الغروب) يوجب رؤية الهلال؟
الجواب: لا بد من تحقق شرطين آخرين اضافيين للتمكن من رؤية الهلال :
الأول: لا بد أن يخرج الهلال من تحت شعاع الشمس.
الثاني: أن يكون له مكث مناسب بعد غروب الشمس.
وكلا هذين الشرطين غير متوفرين للتمكن من رؤية هلال شوال هذه الليلة وعلى مدى القارات الست.
سؤال: لماذا إذن نخرج للرصد في هذه الليلة (غروب شمس يوم الاثنين 3 / 6 / 2019) ؟
المكلف الذي يقول أن هذه الليلة هي ليلة الثلاثين عليه أن يخرج للرصد وخصوصا المكلف في الأمريكتين إذ سيكون رصده بعنوان تحقيق السنة النبوية الشريفة من لزوم تحري الرؤية ليلة الثلاثين .
ملاحظة : ومع علمنا بأن الرؤية مستحيلة في الشرق الأوسط فإن البعض منا سيخرج عمدا للرصد لغرض الشهادة سلبا أي للوقوف بوجه من تسول له نفسه الادعاء بالرؤية.
سؤال أخير
انتشرت مخططات توضح الأماكن التي يرى فيها الهلال في العالم فما مدى دقة الالتزام بها ؟
هذه المخططات مبنية على ارصاد علمية موثقة ومسجلة لأكثر من 150 سنة مضت وهي تشمل حالات الرؤية في ظروف مختلفة : الشياع أو الرؤية العسيرة أو الرؤية التي تحتاج الى شرط صفاء جو ، بالاضافة الى حالات رؤية نادرة تعتمد على توفر شروط استثنائية مثل مطابقة العرض الجغرافي للراصد لعرض القمر وكون عرض القمر بالحد الأقصى ، ومكان القمر (الأوج والحضيض) وعلى خبرة الراصد الاستثنائية وحدة بصره وصفاء الجو الاستثنائي وهذه كلها دمجت في هذا المخطط الذي هو على شكل قطع مكافئ .
و حدود هذا المخطط تشير الى احتمال الرؤية او تساوي إمكانية الرؤية وعدمها تبعًأ للظروف المحيطة ،لذا فإن الرؤية في المناطق الواقعة في حدود هذا المخطط غير قطعية ، وحدود هذا المخطط ما هي الا دليل ارشادي ، ويحسم الموضوع الرصد الميداني . لذا فان المناطق الواقعة على اطراف القطع المكافي لا تعني وجوب تحقق الرؤية في تلك المناطق الا في حالة خاصة. علما انه كلما تقدمنا غربا تبعا للمخطط فإن الرؤية تكون اسهل.
محمد علي الصائغ
28 شهر رمضان المبارك 1440 هـ
3 / 6 / 2019
|